
الحج البحراني .. إسهامات فقهاء البحرين في مواسم الحج
تحت عنوان: "إسهامات فقهاء البحرين في مواسم الحج"،أقامت مؤسسة دار الحكمة في لندن أمسيتها الأسبوعية مساء يوم الجمعة المصادف لــ2025/05/30 ، بمشاركة الأستاذ "عباس المرشد".
افتُتحت الأمسية بآيات بينات من القرآن الكريم ثم اعتلى الأستاذ "عباس المرشد" المنبر ، فاعتبر أن موضوع إسهامات فقهاء البحرين في مواسم الحج هو جزء من تراث ضائع وجهود لم تُقَدَّر كجزء من عملية ملاحقة ومساءلة الهوية الشعبية البحرانية في سبيل إثبات نفسها، ضمن حرب الهوية القاسية القائمة حالياً في شبه الجزيرة العربية.
وهناك تحدٍّ مهم بالنسبة للتاريخ كونها مرحلة ضائعة لا تُنسب إليها أية مخطوطات أو معلومات مدونة وغيرها من الإثباتات الواقعية والعملية على تلك الفترة. وبالتالي كان الحديث عن عملية ترميم الذاكرة المعطوبة وجمع المتبعثرات من الأفكار ورسم مسارات الحقل الفقهي والإجتماعي وتقديم فرضيات جديدة بهدف صناعة مشهد مترابط الى حد ما، اعتماداً على مصادر محددة منها سجلات الأنظمة السياسية التي توالت على حكم البحرين منذ بداية الدعوة الى القرن الثالث عشر، وسجلات وتراجم الفقهاء وعلاقاتهم بالاستثمار بالحج، ومخطوطات متناثرة غير منشورة.
واعتبر الأستاذ "المرشد" أن علاقة البحارنة بمكة المكرمة بدأت منذ الوفد الأول الذي التقى برسول الله(ص) وما كانت علاقة البحارنة بمكة سوى علاقة تجارية لا أكثر لأن الإقليم في البحرين كان موزعاً بين الوثنية والمسيحية ولم يكن هناك أي مؤشر للبعد الديني الإسلامي.
وأكد الأستاذ أن طريق الحج البحراني كان قد عُبِّد بالدم والقلم على حد سواء بحيث أن البحارنة سُفكت منهم دماء على مر الطريق المؤدي الى مكة توازياً مع العلم والفقه والرواية والإجازة الحديثية رغم وحشته الصحراوية. إلا أنه ثبت هوية البحرين كهوية شيعية على مدار أكثر من ألف عام. واستطاع حكام الدولة العيونية تأمين طريق الحج عبر رشوة القوى البدوية ودفع الضريبة إلا أن الانقطاع الحاصل في الرواية التاريخية لم يسمح بمعرفة أسماء الفقهاء المنتسبين الى تلك الدولة في طورها الأول والثاني.
واعتبر الأستاذ أن أول فقيه يمكن تلمس وجوده في هذا المجال كان الشيخ "راشد الجزيري"، وهو كان عالماً فاضلاً فقيهاً يليه الشيخ الفيلسوف "أحمد بن سعادة" وتلميذه "علي بن سليمان" إلا أنه لم يرد منهم أية إثباتات على إسهاماتهم في الحج نتيجة لتجاهل المؤرخين الذي محا جزءاً من الذاكرة لارتباط هؤلاء العلماء بالحلة التي نشط بها الدورين الفقهي والفلسفي واندفاع حوزة البحرين ناحية الفلسفة في ذلك الوقت.
في الدولة الجبورية استطاع الجبوريون فرض الحج البحراني لأول مرة في التاريخ لأنها كانت تعبر عن إرادة وسلطة سياسية فكان الإعتناء الخاص بالمواكب وكان الموكب البحراني من أقوى المواكب وكان يضم أكثر من ثلاثين ألف حاج، وكان يقدم أموالاً وهدايا قيمة ما ينعش اقتصاد المنطقة برمتها، ويساهم في تأمين موارد إدارة الحج.
من هنا أكد الأستاذ أن الأذان الشيعي كان يتلة على منارات مكة المكرمة لعقود من الزمن وبالتالي فإن الشيعة ليسوا طارئين على الحج في وقت كان فيه حكام مكة من الأشراف الزيديين، الذين كانوا يديرون مكة والمدينة، إلا أن ذلك تغير مع الأتراك والمماليك والسلاجقة حين تم إقصاء التعددية المذهبية التي كانت رائجة.
ثم قرأ الأستاذ بعض الإجازات العلمية للشيخ "جعفر كمال الدين البحراني" والشيخ "صالح الكرزكاني" وكان لديهما حوزات في مكة المكرمة ما أدى إلى وجود ثابت للتشيع في المدينة، والكثير من العلماء البحارنة . بناء على ذلك هناك علماء بحارنة كبار تتلمذوا في مواسم الحج ونقلوا الفكر الأخباري من مكة الى البحرين إضافة الى التنظيمات السياسية في التاريخ الحديث التي كانت تعقد لقاءاتها السنوية في الحج، من هنا كان الحج ولا زال عملية مستمرة تتغير في الشكل لكنها ثابتة في المضمون.