العلاقة بين الدين والسياسية .. في سيرة أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام
تحت عنوان: "العلاقة بين الدين والسياسية .. في سيرة أمير المؤمنين الإمام علي(عليه السلام)"، أقامت مؤسسة دار الحكمة في لندن أمسيتها الأسبوعية مساء يوم الجمعة المصادف لــ2024/11/22 ، بمشاركة الدكتور "سعيد الشهابي".
افتتح الدكتور الشهابي بحثه باعتبار الحكم واحداً من ضروريات تشكيل المجتمعات البشرية ولا يمكن أن يكون هناك مجتمع لا يسوده حكم وإلا فإن هذا المجتمع سيواجه تفلت الأمور مما يحوله إلى أشبه بغابة. وما السياسة في البلدان إلا الحكم، إلا أنه في سيرة الإمام علي(عليه السلام) فإن الدين هو السياسة، مع أن تجربته في السياسة لم تُقرأ بعد وفق ما أتى على لسان الدكتور"الشهابي".
فأهم عنصر في الحكم والسياسة عند الإمام علي(عليه السلام) هو الدين وأن شخصية الإمام تقتضي بأن يُسَخِّر نفسه ليكون في خدمة المشروع الديني، بحيث كان الوصي على رسالة النبي(ص) فحمل عبء استكمال هذه الرسالة هو وأولاده خلال 250 سنة، وأن المشروع الأموي سلب الأمة قوتها وحيويتها . فالإمام علي(عليه السلام) هو في الأولوية رجل دين بحيث كان المبادر الأول لاعتناق الإسلام فانصهر في المعتقدات وصار عبداً مطيعاً لله بكل وجوده منذ نعومة أظافره.
ومن خصائص الإمام علي التي تبين سياسته في الذود عن الدين هو استماتته في الدفاع عن الإسلام، فلم نسمع بغزوة في أيام الرسول(ص) إلا وللإمام علي(عليه السلام) حصة الأسد فيها. كما أنه يمكن الحديث حول تلاشي ذات الإمام في الوجود المطلق لله سبحانه وتعالى، فلم يكن لديه أولوية في مسألة الأمن الذاتي والعائلي وما يدل على ذلك هو حادثة نومه في فراش الرسول(ص) مع إدراكه للمؤامرة التي كانت تحاك ضد النبي محمد(ص)، وبالتالي يتساوى الموت والحياة في فكر الإمام علي(عليه السلام) بل هو يرى أن في الموت فوزاً عندما قال مقولته الشهيرة عند ضربه بالسيف على هامته في محراب صلاته:"فزت ورب الكعبة".
واعتبر الدكتور أن للسياسة قيم أساسية وفق فكر الإمام علي(عليه السلام) منها العدل وفقاً لقوله المأثور:"ما حَصَّنَ الدول مثل العدل"، والحذق أو المهارة والقدرة على رؤية الحقائق وفقاً لقوله: "أمارات الدول إنشاء الحيل"، أو القدرة على شق الدرب واتخاذ الإجراءات لحماية المجتمع وسط كل الفتن المحاكة من قبل الآخرين.
بعدها طرح الدكتور أمثلة حول مواجهة الإمام علي(عليه السلام) للفساد الذي كان مستشرياً قبل استلامه للخلافة، منها ما قُدِّم من غنائم غزوات أفريقيا لمن لا يستحقها من الأمويين، وتآمر الخصوم عليه ومنعه من تصويب الأمور، الأمر الذي مهّد الطريق لاستلام الحكم في ما بعد لمعاوية ويزيد وثلم الإسلام المحمدي الأصيل منذ ذلك الوقت.
بعدها فتح المجال لطرح الأسئلة والمداخلات، فكانت مداخلة حول تحليل أسباب الفساد الإداري والسياسي الذي كان مستشرياً في بعض الحقبات التاريخية في الحكم الإسلامي. كما تحدث البعض حول العهد الذي أرسله الإمام علي(عليه السلام) لواليه مالك الأشتر واغتيال مالك قبل استطاعته تنفيذ العهد، والإنقلاب السياسي العسكري في المدينة بعد وفاة الرسول(ص)، من قبل ميليشيات القبائل التي كانت تكيد المكائد للنبي(ص) ومشروعه، بعد أن قام الأعداء بأدلجة هذه القبائل ومحاولتهم الإستفادة منها في الوقت الذي يرونه مناسباً.