ذكرى إستشهاد السيدة فاظمة الزهراء عليها السلام
بمناسبة ذكرى إستشهاد السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)، أقامت مؤسسة دار الحكمة في لندن أمسيتها الأسبوعية مساء يوم الجمعة المصادف لــ2024/11/15 ، بمشاركة القارئ الدكتور الشيخ"علي الكربابادي".
افتتح المجلس بقراءة لدعاء الثغور، ومن ثم أعتلى سماحت المنبر وبدأ بنعي سريع حاكى من خلاله مصيبة سيدة نساء العالمين(عليها السلام) وما جرى عليها من مظلومية وعذابات واستشهاد في سبيل إحقاق الحق وتثبيتاً لدين الله جل وعلا، مروراً بتلك الحادثة التي أنهت حياتها الشريفة وهي في مقتبل العمر، والصاعقة التي حلت بأهل بيتها(عليهم السلام) على إثر ذلك.
بعدها قدَّم سماحة الشيخ الكربابادي لبحثه حول شأن الصديقة الطاهرة باستذكار سيرتها العطرة وما في ذلك من عِبرة وعَبرة، فاعتبر أن السيدة الزهراء(عليها السلام) نالت القداسة والعصمة والنزاهة بأعلى مستواها وحدودها حتى قال عنها رسول الله(ص) أن الله يرضى لرضاها ويغضب لغضبها وأنها ريحانته وبضعته وروحه التي بين جنبيه، وأنها كانت معياراً للحق وكافأت بذلك أمير المؤمنين(عليه السلام).
وأكد الشيخ الدكتور على أهمية مطالعة السلوك العملي للسيدة الزهراء(عليها السلام) منذ كانت صغيرة السن، والذي طُبعت فيه العصمة وأنها ما دافعت عن أبيها انطلاقاً من الصلة البيولوجية التي تربطها به وإنما لأن أباها يمثل طريق الحق الموحى من الله(جل جلاله)، وقد تحملت مسؤولية الدفاع عن هذا الحق بوجه الطواغيت منذ طفولتها. وقدم سماحته أمثلة حول بعض أسماء الشخصيات المعروفة في الإسلام الذين بدلوا قناعاتهم وتموضعهم بالنسبة للنبي(ص) عندما امتُحنوا وزُلزلوا، إلا أن السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام) كانت مواقفها ثابتة وراسخة في نصرة النبي(ص) وذلك ينسجم مع عصمتها وتنزهها وطهارتها. وعرّج سماحته على مسألة المباهلة التي تعبر عن واحد من أهم المواقف من حياة السيد الزهراء(عليها السلام) الشريفة.
ومن الدروس والعبر التي يمكن نهلها من سيرتها الزكية هو درس العفة والطهارة، ونجاحها في تغيير نمط التفكير تجاه المرأة الذي كان سائداً في الجاهلية، فكانت مصداقاً أبرز للحجاب والعفة والطهارة خاصة عندما خطبت بالناس بعد وفاة الرسول(ص). والدرس الآخر الذي يمكن نهله من سيرتها الشريفة هو الإيثار، وهي التي كانت تدعي للناس قبل دعائها لها ولأهل بيتها وهي القائلة:"الجار قبل الدار".
ومن الدروس التي يمكن التوقف عندها أيضاً هو الموقف العملي أو النصرة والشجاعة في الوقت المناسب وعدم تبديل الأولويات، فكانت السيدة الزهراء(عليها السلام) تضع النقط على الحروف وخاصة عند غصب الإمام علي(عليه السلام) حقه في الخلافة فكان لها الدور الأبرز في تبيين الحقائق وتوضيح المسارات واستشراف مستقبل الأمة والخيارات عند إقصاء أمير المؤمنين(عليه السلام). فكان الحاكم على سلوكها هو الحاكم الشرعي وليس الحاكم العاطفي، لأن القضية هي قضية تكليف ومحافظة على دين الله(عز وجل).
بعد ذلك تعرض الشيخ الكربابادي إلى مصيبة السيدة الزهراء(عليها السلام) عند رحيل رسول الله(ص) وحزنها العميق عليه حتى أن أمير المؤمنين(عليه السلام) قام ببناء بيت الأحزان لها من شدة فاجعتها بأبيها رسول الله(ص).
ثم انتقل سماحته إلى توصيف يوم الحادثة الفجيعة التي أصابتها عند شهادتها ووصيتها للإمام علي(عليه السلام) في مسألة تغسيلها وتجهيزها وتكفينها ودفنها وعدم قبولها حضور جنازتها لأولئك الذين تسببوا في هذه الفجيعة الأبدية التي ثلم الإسلام بحدوثها. وكان توصيف للحظات الأخيرة من حياة السيدة الزهراء(عليها السلام) وما تخلل ذلك من مشاعر وأحاسيس جياشة اختلجت في قلوب ووجدان وعقول أهل بيتها عليهم السلام.