ذكرى إستشهاد الرسول الأكرم ص
بمناسبة ذكرى وفاة الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم)، أقامت مؤسسة دار الحكمة في لندن أمسيتها الأسبوعية مساء يوم الجمعة المصادف لــ2024/08/30، بمشاركة سماحة الشيخ الدكتور "علي الكربابادي".
افتتحت الأمسية بتلاوة عطرة من كتاب الله المبين، ثم اعتلى الشيخ "الكربابادي" المنصة لتلاوة المصيبة النبوية، مبتدئاً ذلك بالنعي الذي يلخص المصيبة التي مُني بها دين الله المبين بفقد خاتم الأنبياء(صلى الله عليه وآله وسلم) ومتم الرسالات الإلهية، وفجيعة المسلمين به، وخاصة أهل بيته وابنته السيدة فاطمة الزهراء(عليها السلام)، معبراً عن الحزن الكبير الذي عمَّ المدينة وأهلها في ذلك اليوم العظيم.
بعدها بدأ الشيخ محاضرته حول بعض الإشكالات التي يوجهها الإشكاليون تجاه القرآن والسنة، حيث يدَّعون أن القرآن هو بضاعتهم في وقت تتجلى الصراحة والوضوح في آيات القرآن في مسألة إطاعة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بالشكل المباشر. وتوقف سماحته عند إشكال السنة النبوية الشريفة حيث يذكر البعض تساؤلات عن وحدوية السنة في القرآن أو تعددها فيعتبرون أن في القرآن سنة واحدة وهي سنة الله على مبدأ الآية الكريمة:"ولن تجد لسنة الله تبديلا".
ويعتبر البعض أن هذه المسألة تتجلى في الفكر السلفي لتتوسع إلى الفكر السني بشكل عام، من خلال التمسك بمفردة السنة وعلى أساسها تم بناء نظريات الحكم والجهاد وتفرعاتها في المدرسة السلفية، معتبرين أن السنة النبوية غير موجودة والسنة هي الهية فقط. ثم تحدث سماحته عن بعض المغالطات التي جاء بها العديد من رواد هذه المدرسة شارحاً إشكالاتها من خلال الآيات التي دعت إلى إطاعة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وعددها ليس بالقليل. واعتبر سماحته أن الفكرة من الفصل بين إطاعة الله(جل جلاله) وإطاعة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) إنما كانت خطة استراتيجية طويلة الأمد من حكام بني أمية لمحاربة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) والأفكار الإلهية التي جاء بها من قبل الله جل وعلا.
كما فسَّر سماحته طاعة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) التي فرضها الله سبحانه وتعالى أنها ما كانت لتكون إلا بإذن الله وهي قرينة على أن الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) يطاع طاعة مطلقة بإذن الله(جل جلاله)، لأنه في الواقع هو أمر الله(جل جلاله)، وهذا يكشف أن الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) حُجة، كونه المأذون له، وكلامه شعاع من كلام الله سبحانه وتعالى على أساس :"وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى".
وتحدث سماحته عن الولاية التشريعية التي يتمتع الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بها والتي منحه الله(جل جلاله) إياها إضافة إلى الولاية التكوينية والخلقية. وبالتالي فإن المؤمن مأمور أن يمتثل لأوامر النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بشكل مطلق ولهذا نجد أن دعوة الملوك في التاريخ إلى عمل الخير والإيمان بالإسلام كانت تتوجه مباشرة إلى إقامة الصالحات وتأمرهم بالطاعة لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم). وهنا تبرز مشكلة الأخذ بالقرآن من خلال إسقاط السنة وهما ثقلان لا يفترقان حتى يردا الحوض على الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم). من هنا لا زال الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) يدعو إلى اتباع أهل بيته حتى وافته المنية.
بعد ذلك أنهى سماحته المجلس بالنعي، فروى أحداث تلك الليلة المهيبة التي حاربه بها البعض حتى اللحظات الأخيرة، وذكر سماحته اللحظات الأخيرة لوصايا الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) لأهل بيته(عليهم السلام) وتأثرهم بفراقهم له والحزن الكبير الذي سكن قلوب أحباب النبي(صلى الله عليه وآله وسلم). كما كان هناك توصيف دقيق لعروج روح الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) الشريفة إلى بارئها والطريقة التي تعامل بها أهل بيته(عليهم السلام) مع تلك الفجيعة.