إستشهاد الإمام محمد الجواد عليه السلام
بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام محمد الجواد(عليه السلام)، أقامت مؤسسة دار الحكمة في لندن أمسيتها الأسبوعية مساء يوم الجمعة المصادف لــ2024/06/07، بمشاركة سماحة الشيخ الدكتور "علي الكربابادي" في المجلس الحسيني، والرادود "عباس يوسف".
افتتح الشيخ "الكربابادي" المجلس بنعي سريع ذاكراً فيه المصيبة الحسينية ومصائب أهل البيت(عليهم السلام) في المظلومية التي رافقتهم في حياتهم وموتهم وتشتيت مزاراتهم من قبل أعداء الأمة والدين، بهدف تشتيت شيعتهم ومحبيهم ومحو أثرهم دون جدوى.
ثم طرح سماحته بحثه حول اشكالية تولي الإمام الجواد(عليه السلام) للإمامة وهو صبي صغير في السابعة من عمره، فأبرَزَ وجه التشابه بينه وبين معجزة النبي عيسى(عليه السلام) عندما تجلت قدرة الله(جل جلاله) في ضعف الطفل الصغير فأعطاه إمكانية الكلام وهو في المهد على مرأى من جميع المغرضين، إضافة إلى المظلومية التي تعرض لها هو وأمه السيدة مريم(عليها السلام). وأسهب سماحته في تبيين قدرات الإنسان على اكتساب المعارف على مبدأ: "وتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر"، ولا فرق بين صغير السن وكبيره بالنسبة لقدرة اكتساب المعرفة والفهم والإدراك، من باب أن تكوين العقل البشري كمعالج للمدخلات الفكرية التي توضع فيه إن كان الإنسان صغيراً أو كبيراً، وبالتالي لا فرق بين عقل الكبير والصغير لناحية التكوين الفيزيولوجي. كان ذلك تفسيراً لطبيعة تولي الإمام الجواد(عليه السلام) للإمامة في سن السابعة والذي لا يتنافى مع التكوين الفيزيولوجي الطبيعي لفتى يملك كل مؤهلات الذكاء والاستيعاب والفطنة والعلم .
بالمقابل تحدث سماحته حول بعض الإنحرافات التي تحصل عند بعض المتعلمين والمثقفين وسببها الغرور الذي يصيب بعض هؤلاء عند اعتبارهم بأنهم يمتلكون أرجحية علمية معينة لكنهم غافلون عن أن هذا العقل الذي هو جهاز معالجة بحاجة دائماً إلى مدخلات كي يستطيع ربط الأمور ببعضها وتحليلها، وهذه الغفلة تؤدي إلى الإنحراف بسبب سوء التحليل وعدم تحديث المدخلات. وسأل سماحته حول سبب ثقة بعض المؤمنين بقدرات النبي عيسى(عليه السلام) في وقت تنتفي هذه الثقة في الإمام الجواد(عليه السلام)، والسبب هو قدرة البيئة المسيحية على إنتاج منتجات ملموسة فيزيائية بعد الثورة الصناعية وبروز أوروبا، مقابل عدم وجود هذه المنتجات الملموسة في البيئة الإسلامية في أبرز صورة للمغالطة الحاصلة بحق الإمام الجواد(عليه السلام)، ولذلك صار هذا الموضوع جزءاً من تحديد الهوية بالنسبة للغير والحرب الناعمة، فتحولت الهيمنة الإقتصادية إلى ثقافية ومعرفية ومبادئية.
وأكد الشيخ "الكربابادي" أن التاريخ أثبت علم الإمام الجواد(عليه السلام) ومعرفته وفطنته وقدراته العقلية الراجحة، من خلال المناظرات والشهادات التاريخية من أعدائه، إضافة إلى عصمته الإلهية الثابتة في الروايات على أنه خليفة أبيه الإمام الرضا(عليه السلام)، مع الإلتفات الى الظروف الموضوعية التي تعرض لها أبناء الإمام الكاظم(عليه السلام) بشكل عام. هذه الظروف أجبرت الإمام الرضا(عليه السلام) على إخفاء ولادة ابنه الإمام الجواد(عليه السلام) بسبب الظروف الأمنية التي أحاطت بهم في تلك الفترة. بعدها تحدث سماحته حول ظروف اختيار اسم الإمام الجواد(عليه السلام) وألقابه ومنها :التقي، بعد أن أثبت تقواه في الزهد والعفة أمام المغريات، والسمعة والوجاهة والسياسة والإقتصاد.
بعدها لخص سماحته المكيدة التي زُرعت للإمام الجواد لتسميمه وقتله فوصف حالته في اللحظات الأخيرة من حياته الشريفة بعد أن سرى السم في بدنه الشريف وصعود روحه إلى الباري عز وجل.
بعدها اعتلى المنبر الرادود "عباس يوسف" المنبر وقدَّم لطمية حول المناسبة تحكي فضائل الإمام الجواد(عليه السلام) وظروف حياته واستشهاده، وسط جو من الحزن والأسى عاشها الحاضرون مواساة لأهل البيت.