حكاية الهوية البحرانية… الأوقاف الشيعية وسجل سيد عدنان
أقامت مؤسسة دار الحكمة في لندن أمسيتها الأسبوعية مساء يوم الجمعة المصادف لـ 2024/04/26، بمشاركة الأستاذ الباحث "عباس المرشد" وأدار الأمسية الأخ "علي عبد الإمام".
افتتحت الأمسية بآيات بينات من الذكر الحكيم تلاها الأخ "علي مشيمع"، ثم استلم الأخ "علي عبد الإمام" دفة الكلام مرحباً بالحضور ومعرفاً بالأستاذ "عباس المرشد" كباحث حول التاريخ البحراني ومُلم في الهوية التاريخية للبحرين وعارف بقضية الأوقاف وتاريخها ومشاكلها.
بدوره قام الأستاذ "عباس المرشد" بالترحيب بالحضور، طارحاً بحثه حول الأوقاف الشيعية في البحرين، معتبراً أن أزمة الأوقاف التي أثيرت في الآونة الأخيرة، بتصريح وزير الأوقاف البحريني أنه لن يتم تسجيل أي وقف شيعي ما لم يكن مدرجاً في السجلات العقارية، إنما هو عبارة عن مشكلة مستحدثة، في وقت أن الكثير من الأوقاف الجعفرية لا تستوفي هذه الشروط، نتيجة للسياسة التي انتهجتها الحكومة البحرينية منذ عقود لجهة إهمالها المعالم الجغرافية لهذه الأوقاف أو إهمال مسألة تسجيلها في السجلات العقارية.
وبالتالي نحن أمام مشكلة حقيقية هي مصادرة كمية كبيرة من الأراضي المصنفة على أنها أوقاف، كما حصل في قرية "الفارسية" إلا أنها اندثرت وصودرت أملاكها ومُحيت معالمها الجغرافية. زاد الطين بلة أن النظام بدأ بمشروع تغيير أسماء القرى والشوارع وغيرها في عملية استيلاء مقونن ومبرمج، ما يؤدي حكماً إلى فقدان الشعب البحراني لجزء مهم من هويته وتاريخه. وعاد الأستاذ بالتاريخ إلى نماذج توثيق الأوقاف وأهمها ما نُقش على الحجر لإثباته على مر السنين وكانت تحفظ عند شيخ الإسلام أو الفقيه، ومنها ما يعود إلى مئات السنين وأهمها مشهد الخميس الذي ما زال موجوداً حتى اليوم، وقدّم نماذج عنه من خلال الصور والمستندات.
كما أنه كان هناك شخصيات معروفة مارست دور تنظيم الوقفيات على مر السنين منهم الشيخ "خلف العصفور" الذي نزل البحرين عام 1902 ومارس القضاء ونظم الأوقاف وبعدها طُرد إلى العراق بأمر من "بلغريف" و"حمد بن عيسى" لأنه عارض سيطرة الحكومة على الأوقاف والتدخل البريطاني. كما أن الشيخ "أحمد بن عبد الرضا آل حرز " الذي عُرف له سجل في تنظيم الأوقاف، ما يثبت أن سجل أوقاف "السيد عدنان" المعتمد اليوم لم يكن السجل الأول وتذخر البحرين بسجلات كثيرة، ما يثبت أن مسألة تدوين الأوقاف وسجلاتها كانت بيد العلماء وهذا ما نفتقده اليوم.
عام 1924 قام البريطانيون بإصدار قانون تسجيل الأراضي لتحصيل أموال الرسوم والضرائب، ترافق ذلك مع مسح الكثير من الأراضي ما يثبت حق الوقف الشيعي بنسبة مئوية كبيرة منها وبالتالي يعتبر الوقف الشيعي المنافس الأكبر والأهم لـ"آل خليفة". من هنا كان الوقف الشيعي في البحرين يشكل مصدراً من مصادر الحراك الوطني والإصلاح السياسي منذ ذلك الزمن، ومن هنا كان الصراع على هذه الأراضي الوقفية. عمد السيد عدنان إلى عملية تسجيل الوقف لتثبيته جغرافياً وبشرياً، من خلال دعوة الناس إلى تسجيل أوقافهم في مكتبه حفاظاً عليها ومنعاً لمصادرتها. مع ذلك بقيت الكثير من الأوقاف من دون تسجيل فتمَّت مصادرتها، مع ما كان الحاكم البريطاني قد صادره على الرغم من وجود ما يثبت بأنه وقف شيعي. كما تحدث الأستاذ حول محاولات آل خليفة الاستيلاء على إدارة الأوقاف من خلال إلغاء قانون انتخاب هذه الإدارة وأتاحوا لحكوماتهم تعيين أعضائها، بما يتناسب مع أهوائهم الشخصية.
بعدها فُتح المجال أمام الحضور لطرح الأسئلة والمداخلات فكان التأكيد على أن حجم السرقات كانت ما يساوي 40 في المئة من أوقاف الشيعة بسبب نهج الجشع الذي كان موجوداً عبر التاريخ من خلال منهج الإستملاك الدكتاتوري في فترة السيطرة البريطانية الذي قدم ديمقراطية ظاهرية بإنشاء إدارة الأوقاف لكنه في الواقع كان هو المسيطر عليها، مع افتخارهم بتحجيم دور علماء الدين في هذه المسألة، إضافة إلى سعيهم الدائم لعلمنة الدولة في البحرين.