الليلة (الأولى) وفاة أمير المؤمنين عليه السلام
في أجواء شهر رمضان المبارك، وبمناسبة ذكرى شهادة أمير المؤمنين الإمام علي(عليه السلام) أقامت مؤسسة دار الحكمة في لندن أمسيتها الأسبوعية مساء يوم السبت المصادف لــ2024/03/29، بمشاركة الدكتور "سعيد الشهابي"، وسماحة الشيخ د. "علي الكربابادي" والرادود "عباس يوسف" والناشئ "علي هدائي".
ضمن فقرة مفاهيم قرآنية، رحَّبَ الدكتور "سعيد الشهابي" بالحضور وطرح بحثه تحت عنوان "برّ الوالدين"باعتباره مسألة جوهرية في العلاقات الإنسانية التي تتناغم مع فطرة البشر، وهو أمر مطلوب وموجود في قطاعات واسعة في المجتمعات.
ثم توقف الدكتور عند بعض الآيات القرآنية الكريمة التي أكدت على هذه المسألة وقَرَنَهَا القرآن بأمور عبادية إلهية نظراً لأهميتها الخاصة في المفاهيم الإلهية. وبالتالي فإن بر الوالدين يحتوي على مصلحة بر الأبناء في حالة بر الوالدين وهي الهدية الدنيوية التي يعطيها الله(جل جلاله) للبار بوالديه فضلاً عن الأجر الأخروي. كما ذكر الدكتور تقارُن مفهوم الإحسان مع الوالدين في الكثير من الآيات على مبدأ "وبالوالدين إحسانا" إضافة إلى توازي بر الوالدين ورضاهما مع رضا الله(جل جلاله).
بعد ذلك تلا سماحة الشيخ د. "علي الكربابادي" مجلساً لمناسبة الذكرى العطرة لاستشهاد أمير المؤمنين الإمام علي(عليه السلام) مفتتحاً ذلك بنعي سريع حول أجواء الليلة التاسعة عشر لشهر رمضان الحزينة وما تخللها من أجواء مفجعة بالحدث الجلل الذي تهدمت بسببه أركان الهدى. كما تخلل النعي تبييناً لمستوى الحزن الذي خيَّم على أهل بيت النبوة والإمامة وأبناء الإمام وأصحابه في تلك الليلة.
بعدها ابتدأ سماحته خطبة حول المناسبة تحدث خلالها عن أمير المؤمنين كعبد لله(جل جلاله) وأخ لرسوله(ص)، فاعتبر أن الإمام عَبَدَ الله على أساس منهجية واضحة كمنهجية الرسول(ص) الذي عَبَدَ الله(جل جلاله) قبل أن يُبعَث، على طريقة إبراهيم الخليل(ع)، لأن الله(جل جلاله) بصفاته لا يوجد معبود غيره كونه حقيقة الوجود، على مبدأ قول الإمام(عليه السلام) :"ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً بجنتك وإنما وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك".
ثم تحدث الشيخ حول عبودية الإمام علي(عليه السلام) وعلاقته بأهل بيته وزهده والمستوى العالي لأدائه العبادي الذي وصل إلى مستوى جعل البعض يؤلهونه. من هنا تحدث سماحته عن بعض تحذيرات المرجعية الدينية من محاولات البعض من الأدباء والكتاب والشعراء مدح شخصية الإمام علي(عليه السلام) والتكلُّم عن فضائلها ومحاسنها فأتت بعض التحذيرات لتضع حداً للتمادي على الذات الإلهية في هذا المدح المبالغ فيه، كما كانت نصيحة لضرورة معرفة علاقة الإمام(عليه السلام) بالله(جل جلاله) ليتم على أساس ذلك وضع الأمور في نصابها الحقيقي والواقعي.
ثم تكلم الشيخ عن حياة الإمام علي(عليه السلام) التي كانت حدودها طاعة الله(جل جلاله) وعبادته، ثم كان حديث حول الأيام الأخيرة له عليه السلام وما تخللها من وداع لأبنائه وأفراد أسرته، وانشغاله بالعبادة وذكر الله(جل جلاله) في الليلة الأخيرة من عمره الشريف. بعدها تلا سماحته النعي ومجلس الضربة فتكلم حول آخر خروج للإمام(عليه السلام) من منزله وما وعده رسول الله(ص) بالالتحاق به في صبيحة ذلك اليوم.
ثم اعتلى المنبر الرادود الناشئ "علي هدائي"، فقدَّم نعياً حول المناسبة تخلل أحداث الليلة الأخيرة في العمر الشريف لأمير المؤمنين(عليه السلام) من خلال أبيات شعرية تحاكي الحادثة وما أوصاه الإمام(عليه السلام) لأبنائه وخاصة لابنته السيدة زينب(عليها السلام) .
في نهاية الأمسية كانت لطمية للرادود "عباس يوسف"، حاكت مأساة الليلة التاسعة عشر من شهر رمضان، وما تخللها من مشاعر وأحاسيس تبادلها الإمام علي(عليه السلام) مع عياله وأبنائه وأهل بيته، وما أوصاه لهم في ساعاته الأخيرة، إضافة إلى التأكيد على الوظيفة المنوطة بأتباع هذا الإمام العظيم وعدم الإنحراف عن منهجه ودربه وضرورة السير على سيرته في العلم والجهاد والعبودية لله سبحانه وتعالى.